أسباب خفقان القلب أثناء النوم

أسباب خفقان القلب عند النوم

مقدمة

يعد خفقان القلب من الظواهر الشائعة التي يواجهها العديد من الأشخاص أثناء النوم. وهو شعور بالنبض السريع أو غير المنتظم للقلب، وقد يصاحبه شعور بالقلق أو عدم الراحة. في بعض الحالات، يمكن أن يسبب خفقان القلب قلقًا شديدًا إذا تكرر بشكل مستمر أو أصبح مصحوبًا بأعراض أخرى، مثل ضيق التنفس أو الدوخة. على الرغم من أن خفقان القلب قد يكون غير مؤذي في بعض الحالات، إلا أن فهم الأسباب المحتملة لهذه الحالة أمر بالغ الأهمية للتأكد من سلامة القلب وصحة الشخص بشكل عام.

خلال هذا المقال، سنغطي الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى خفقان القلب أثناء النوم، وكيفية التعامل مع هذه الحالة، بالإضافة إلى أهمية التوجه للطبيب في بعض الحالات.

1. اضطرابات النوم وتأثيرها على القلب

من العوامل التي قد تساهم بشكل كبير في خفقان القلب عند النوم هي اضطرابات النوم، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea). هذا الاضطراب يتمثل في توقف مؤقت لعملية التنفس أثناء النوم، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الأوكسجين في الدم. في محاولة للتعويض عن نقص الأوكسجين، يعمل القلب بجهد أكبر لضخ الدم إلى الأعضاء الحيوية، مما يؤدي إلى زيادة في معدل ضربات القلب أو حدوث خفقان مفاجئ.

بالإضافة إلى ذلك، يرتبط انقطاع التنفس أثناء النوم بعدد من المشكلات الصحية الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، مما يمكن أن يزيد من احتمال حدوث خفقان القلب أثناء النوم. في حالات أكثر تطوراً من انقطاع التنفس أثناء النوم، قد يعاني الشخص من إيقاع غير منتظم للقلب (الرجفان الأذيني)، مما يزيد من تعقيد الأعراض.

2. التوتر والقلق

يعتبر التوتر والقلق من أكثر الأسباب شيوعًا التي تؤدي إلى خفقان القلب. عندما يعاني الشخص من مستويات عالية من القلق قبل النوم، فإن الجسم يفرز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي تساهم في تحفيز الجهاز العصبي السمبثاوي (المسؤول عن الاستجابة للضغط). هذه الهرمونات يمكن أن ترفع من معدل ضربات القلب وتجعل الشخص يشعر بالخفقان عند الاستلقاء.

في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الشخص قد مر بتجارب قلق يومية تؤثر على نومه، مما يفاقم الشعور بالخفقان في ساعات الليل. القلق المزمن يؤثر على جودة النوم ويزيد من احتمالية حدوث اضطرابات في إيقاع القلب.

3. اضطرابات في مستويات الكهارل (Electrolytes)

الكهارل هي المعادن في الجسم التي تساهم في تنظيم الوظائف الحيوية، مثل ضربات القلب. وتشمل الكهارل الرئيسة الصوديوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، والمغنيسيوم. أي اختلال في مستويات هذه المعادن يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في إيقاع القلب، مما يؤدي إلى خفقان القلب.

عندما تكون مستويات الكهارل غير متوازنة بسبب نقص في التغذية أو استخدام بعض الأدوية (مثل مدرات البول أو أدوية القلب)، يمكن أن تزداد فرص حدوث خفقان القلب أثناء النوم. على سبيل المثال، يؤدي نقص البوتاسيوم إلى زيادة احتمالية حدوث إيقاع غير منتظم في القلب، وهو ما يمكن أن يحدث بشكل مفاجئ أثناء الليل.

4. تناول الكافيين والمنبهات قبل النوم

من المعروف أن الكافيين هو من المنبهات القوية التي يمكن أن تؤثر على الجسم بشكل عام، بما في ذلك القلب. إذا تم تناول الكافيين أو أي مواد منبهة أخرى مثل النيكوتين أو بعض الأدوية قبل النوم، فإنها قد تؤدي إلى زيادة في نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي وزيادة معدل ضربات القلب. الكافيين يعزز إفراز الأدرينالين في الجسم، مما يؤدي إلى الشعور بالخفقان، وقد لا يتوقف هذا التأثير فورًا عند النوم. في بعض الحالات، قد يعاني الأشخاص من خفقان قلب مستمر حتى أثناء نومهم إذا كانوا قد تناولوا الكافيين في وقت متأخر من الليل.

5. أمراض القلب والشرايين

خفقان القلب يمكن أن يكون أيضًا نتيجة لمشاكل صحية أكثر خطورة تتعلق بالقلب والشرايين. قد تشمل هذه المشاكل مرض الشرايين التاجية، اعتلال عضلة القلب، أو اضطرابات في نظم القلب مثل الرجفان الأذيني. في بعض الحالات، قد يحدث خفقان القلب بشكل مفاجئ أثناء الليل نتيجة لانخفاض تدفق الدم إلى القلب بسبب ضيق الشرايين التاجية أو بسبب مشكلة أخرى في القلب.

إذا كان الشخص يعاني من مشاكل قلبية مزمنة، فإن خطر حدوث خفقان القلب أثناء النوم يمكن أن يزيد بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، إذا كانت عضلة القلب ضعيفة، فقد لا تكون قادرة على ضخ الدم بشكل كافٍ خلال ساعات النوم، مما يسبب اضطرابًا في نظم ضربات القلب.

6. التغيرات الهرمونية

التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صحة القلب، خصوصًا في مراحل معينة من الحياة مثل فترة الحمل، فترة ما قبل انقطاع الطمث، أو أثناء انقطاع الطمث نفسه. خلال هذه الفترات، يلاحظ العديد من الأشخاص زيادة في معدل ضربات القلب أو خفقان القلب، خاصة في الليل. يحدث ذلك بسبب التغيرات في مستويات هرمون الاستروجين، الذي يؤثر بدوره على وظائف القلب والأوعية الدموية.

عند النساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث أو انقطاع الطمث، قد تؤدي الزيادة المفاجئة أو التغيرات المستمرة في مستويات الهرمونات إلى زيادة في الخفقان أثناء النوم. كما أن ارتفاع مستويات هرمون الأدرينالين قد يساهم في تحفيز الجهاز العصبي السمبثاوي، مما يؤدي إلى تسارع ضربات القلب.

7. تناول الأدوية

تعد بعض الأدوية من العوامل التي يمكن أن تساهم في خفقان القلب أثناء النوم. على سبيل المثال، أدوية مضادة للاكتئاب، أدوية مضادة للقلق، أو حتى أدوية خافضة لضغط الدم قد تحتوي على آثار جانبية تؤدي إلى تسارع ضربات القلب. قد يؤدي بعضها إلى تحفيز الجهاز العصبي، مما يساهم في زيادة معدل ضربات القلب.

بعض أدوية الربو مثل موسعات الشعب الهوائية، وأدوية العلاج الهرموني أو بعض أدوية التخسيس تحتوي أيضًا على مواد منبهة قد تؤدي إلى زيادة في خفقان القلب. يمكن أن يكون هذا الخفقان أكثر وضوحًا عند النوم بسبب الاسترخاء التام للجسم.

8. تناول الطعام قبل النوم

قد يؤدي تناول الوجبات الثقيلة أو الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات قبل النوم إلى زيادة نشاط الجهاز الهضمي، مما يضغط على القلب. عندما يتم تناول الطعام الثقيل قبل النوم، قد يضطر الجسم إلى مضاعفة الجهد لضخ الدم إلى الجهاز الهضمي، مما قد يزيد من احتمالية الشعور بخفقان القلب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتسبب بعض الأطعمة مثل الأطعمة المقلية أو الأطعمة الحارة في تهيج الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى ردود فعل غير مريحة أثناء النوم.

9. اضطرابات الغدة الدرقية

تلعب الغدة الدرقية دورًا مهمًا في تنظيم العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك ضربات القلب. فرط نشاط الغدة الدرقية (زيادة إفراز هرمون الثيروكسين) يمكن أن يؤدي إلى زيادة في معدل ضربات القلب، سواء في النهار أو أثناء النوم. في هذه الحالة، يمكن أن يكون خفقان القلب أحد الأعراض المبكرة للمشكلة. اضطرابات الغدة الدرقية تؤثر على توازن الطاقة في الجسم وتزيد من تأثيرات الأدرينالين، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالخفقان أثناء النوم.

10. تأثيرات التقدم في العمر

مع التقدم في العمر، يواجه العديد من الأشخاص تغيرات طبيعية في وظائف القلب والأوعية الدموية. قد تصبح الأوعية الدموية أقل مرونة، وقد تضعف عضلة القلب تدريجيًا. هذه التغيرات يمكن أن تؤدي إلى تذبذب في إيقاع ضربات القلب، مما يسبب شعورًا بالخفقان أثناء النوم. بالإضافة إلى ذلك، قد تصبح مستويات الكهارل أقل انتظامًا مع التقدم في العمر، مما يزيد من احتمالية حدوث خفقان القلب.

11. العوامل الوراثية

أحيانًا، يمكن أن تكون العوامل الوراثية هي السبب وراء حدوث خفقان القلب. بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في القلب بسبب تاريخ عائلي من اضطرابات القلب. إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب يعاني من أمراض قلبية أو اضطرابات في نظم القلب، فقد يكون الشخص عرضة أيضًا لهذه المشاكل، ما يزيد من احتمال حدوث الخفقان أثناء النوم.

الخاتمة

يُعتبر خفقان القلب أثناء النوم من الحالات التي قد تكون غير مؤذية في العديد من الأحيان، لكن في بعض الحالات قد يكون إشارة إلى مشكلة صحية تتطلب تدخلًا طبيًا. من المهم أن يكون الشخص على دراية بالأسباب المحتملة لهذه الحالة وأن يتخذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة القلب. إذا استمر الخفقان أو كان مصحوبًا بأعراض أخرى مثل ضيق التنفس أو ألم في الصدر، يجب على الشخص استشارة الطبيب لتقييم حالته بشكل دقيق.